أسماء سطعت في عالم النجاح والطموح، رجال ونساء، حققوا نجاحات باهرة، صالوا وجالوا، يدفعهم الطموح ويحدوهم الأمل، وفي لحظة مظلمة، تنطفئ فيها شمعة التطلع، فينساب الظلام إلى النفوس، ليعبث في الأرواح والعقول، ويكون الجسد مسرحاً مفتوحاً لأحداث مسلسل الضياع.
هي دعوة مشبوهة قد بدأت بتجربة سيجارة، أو حبة بوخز إبرة وتجربة جرعةٍ كانت كافية لإطفاء البريق، وأُفول النجم بل سقوطه إلى الهاوية.
سلسلة من القصص تقدمها أمانة اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات لمشاهير وناجحين أسقطتهم أوهام المخدرات من سماء النجاح والرقي إلى مستنقع الضياع في عالم المخدرات.
البداية
كانت تحلم كأي فتاة وتنعم برعاية والديها الحانية، مفعمة بالنشاط والحيوية منذ طفولتها وفي شبابها أحبها كل من حولها. جميلة الملامح.. عيناها تشع ذكاءً وابتسامتها منبع للأمل والطموح استطاعت أن تخطف الأبصار إليها من خلال تفوقها الدراسي في جميع مراحله التعليمية حتى تخرجت بنجاح وتفوق من الجامعة دون تعثر أو فشل.
فرحة الوظيفة
التحقت بوظيفة مرموقة بعد تخرجها.. ولم يغادرها الشوق والحنين لمقاعد الدراسة ومواصلة دراساتها العليا. وقد كان ذلك هدفا عندها لا مناص من تحقيقه. تقدم لها فارس أحلامها، وقد كان أهلها بين مؤيد ومعارض وكانت تخشى أن يكون الزواج عائقا لتحقيق الهدف ونيل درجة الماجستير ، لم يمانع الزواج من إكمال مسيرتها التعليمية لما عرف عنها من طموح وحسن أخلاق، مؤكدا انه سيقف معها ويذلل أي عقبة تصادفها وستكون جوهرته المصون وهكذا تم الاتفاق.
ما بعد ليلة العمر
انتهت مراسم حفل الزواج واكتملت أفراحهم واستمرت سعادتهم وبعد عام رزقا بمولودهما البكر والحياة بينهما تسير بود وتفاهم ونجاح. الزوج يمارس تجارته داخل الوطن وبعض الأحيان خارجه والزوجة تقضي نصف وقتها في العمل ثم تعود لترعى شؤون منزلها ورعاية طفلها الصغير، كانت مضرب المثل لأهل الحي الذي تسكنه في كفاحها وحسن معاملتها معهم. بشوشة ترسم السعادة على وجه زوجها أحبها، وتفاجئه بالهدايا من وقت لآخر وفي المناسبات، وتساعده على متطلبات المنزل ومستلزماته، بل كانت تدفع فواتير السكن عند حلوله في غياب زوجها أثناء رحلاته التجارية.
البشرى السارة
ذهبت للعمل كعادتها باكرا.. تعلو محياها الابتسامة المعهودة والتفاؤل .وأثناء انشغالها في انجاز مهامها الوظيفية اليومية. دخلت عليها مديرة القسم مبتسمة لتقول لها وفي لحظة احتضان ألف..ألف.. ألف..مبروك ،لقد وصل للتو إشعار قبولك لمواصلة الماجستير. غمرتها الفرحة وتلقت التهاني والتبريكات من زميلاتها. أخرجت من فورها هاتفها المحمول لتخبر زوجها الذي كان وقتها في رحلة تجارة خارج الوطن ليشاركها الفرحة. بارك لها ذلك وهو مقتضب ظنا منه أن هذه الدراسة ستأخذ من وقتها وستؤثر على سير حياتهم وإهمالها لواجباتها الذي هو في حاجة بقائها بالمنزل لكثرة أشغاله وأسفاره.
التفرغ للدراسة
بعد عامين من تعيينها وحصولها على الإبتعاث الداخلي تفرغت للدراسة وشرعت في إعداد البحوث وجمع المعلومات والإطلاع على الكتب المتعلقة في موضوع رسالتها، بجانب قيامها بشؤون منزلها دون ملل أو كلل، بل مليئة بالتفاؤل والطموح، تنتظر ساعات المثول أمام لجنة المناقشة وإعلان النتيجة. وهي تصارع هذا العبء وما تعانيه من تغيرات حصلت لزوجها دون سابق إنذار أو أسباب مقنعة في طريقة تعامله معها من شتم وسب عند "أتفه" الأسباب وتغيب عن المنزل وسهر حتى الثلث الأخير من الليل وكانت تعزو ذلك إلى انشغالها عنه، وتسعى جاهدة لمعرفة حقيقة أمره لإزاحة ما به من هموم ومعرفة سر تغيره ،لكن دون جدوى.
المفاجأة!
عاد الزوج في ذلك المساء الكئيب وهو يترنح وفي وضع هستيري ما بين ضحكات ودموع لا مبرر لها. صدمت الزوجة من هول المنظر وهي تسأل نفسها وتقول: (عين لم تخطئ سهامها أو مس أصابه) قادته متجهة به نحو غرفتها لتواريه عن أنظار أطفالها الذين كانوا في حالة ذعر وخوف وبكاء من هول ما يرون على والدهم من سوء حال. ولتعرف حقيقة ما أصابه وهي تقرأ عليه آيات من القرآن لعلها تريحه. إلا أن الرائحة الكريهة التي تفوح منه واللعاب الذي يسيل من فمه والكلمات التي يتلفظ بها قطعت الشك باليقين وعلمت بأن زوجها مخمور وربما متعاط المخدرات. وأدركت السبب الرئيسي في تغيره الجذري وانقلاب حياتهم التي أصبحت لا تطاق. في الصباح علل لها أن هذا بسبب كثرة سفرياته وانه معتمد عليها منذ فترة وأنه يحاول الإقلاع دون جدوى وطلب منها الستر عليه ومساعدته. أخذت تنصحه بلين وتذكره بما لم يجهله، أنه رب أسرة وقدوة ولديه أطفال. وأن ما يقوم به حرام بحق نفسه وأسرته، أخذ بهذه النصيحة أياما معدودة ثم عاد مكابراً وكان يمنعها عن الكلام حول الموضوع بحجة التدخل في حريته الشخصية مهدداً إياها بالطلاق وحرمانها من أبنائها ودراستها. لتهدده هي الأخرى بإبلاغ أهلها بما يقوم به من أعمال مشينة لوضع حد لحياتها معه. فما أن يتناول هذه السموم حتى يتحول لوحش كاسر منزوع الرحمة أعمى البصيرة. يقوم بقذفها وضربها بالأدوات الحادة وأمام أطفاله حتى تلوّن الأورام صفحات وجهها وأحياناً يغمى عليها فيقوم بسرقة ما لديها من نقود ومجوهرات ،ولما كثرت المشاكل بدأ منه التخطيط لإيذائها والانتقام منها.
الانتقام
فكر بخطة للانتقام من شريكة حياته ذات الطموح والنجاح.. المتسربلة بلباس الدين والعفة.. المتوحشة بالعفاف والأخلاق والأدب ليمنعها من مضايقتها له عند تعاطيه المخدرات، فما كان منه إلا أن جلب من أنواع المخدرات السائلة سريعة المفعول ووضعها في مشربها ومأكلها دون علمها لعدة أيام لتجد نفسها المسكينة في خمول وكسل طوال يومها لا تشعر بمن حولها ولم تعد قادرة على القيام برعاية صغارها أو إكمال ما بقي من دراستها وأهملت منزلها الذي هو بحاجتها وأصبحت بلا حول ولا قوة بل تغلغلت السموم في جسدها. ليبدأ بطلب توفير المال منها بعد أن أهمل عمله ومصدر رزقه لتأمين السموم التي أصبحا يتقاسمانها سويا دون خوف أو انتقام.
النهاية
فقد أهل الزوجة اتصالاتها المستمرة وزيارتها المتتابعة. وكانوا ينسبون هذا التحول إلى انشغالها بواجبات منزلها ودراستها، إلا أن الأمر كان غير ذلك، لقد اكتشف أهلها حقيقة أمرها بعد زيارتهم لها ومشاهدتهم لحالتها السيئة وتدهور صحتها وشرحت لهم كل حكايتها، ليتم نقلها لمستشفى الأمل ليتداركوا ما بقي من روحها وصحتها مطالبين بطلاقها من هذا الوحش المفترس المضيع للأمانة. الذي بدل سعادتها بالأحزان وطموحها للفشل. مثبتا للجميع أن المخدرات نهاية كل جميل.